يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل للموعظة التي ألقاها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، خلال القداس الحبري الرسمي الذي احتفل به غبطته قبل ظهر يوم الأحد 21 شباط 2021، في كنيسة مار اعناطيوس الأنطاكي، في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت:
موعظة قداس عيد مار أفرام السرياني
الأحد 21 شباط 2021
كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي، المتحف - بيروت
البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان
بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي
أيّها الأحبّاء، المشاركين القلائل بحضورِهم الشخصيمعنا في هذه الكابيلا البطريركية، والذين يشاركوننا عن بُعد بواسطة موقع البطريركية على الفايسبوك، وقناة Télé Lumière Noursat، ووسائل التواصل الاعلامي...
في الصوم الأربعيني الذي بدأناه هذا العام منذ أسبوع، تقدّم لنا أمّنا الكنيسة آياتٍ أي معجزاتٍ صنعها الرب يسوع في حياته العلنية، كي تذكّرنا بأنّ صومنا هو تجدُّدٌ بقوّة الروح القدس، ومسيرةٌ نحو فرح القيامة.
"إن شئتَ فأنتَ قادرٌ أن تُطهِّرني" (مرقس 1: 40)
اليوم، هو الأحد الثاني من زمن الصوم، نتأمّل فيه بمعجزة شفاء الأبرص المؤثّرة. هذا الرجل الذي شوّه المرضُ البغيضُ جسمَه وهمّشه المجتمع، وفرضت عليه الشريعة الموسوية المحرّمات. نراه يُسرِع نحو يسوع، غير مبالٍ بالأعراف وتحريم الناموس، ويتوسّل إليه جاثياً: "إن شئَتَ فأنت قادرٌ أن تُطهِّرَني". وبلمسة حنانٍ من الفادي "قد شئتُ فاطهُرْ"، ينقلب الأبرص إلى شخصٍ آخر، يتعافى ويكتشف إنسانيتَه التي افتقدها، ويلهج بتمجيد الله والاعتراف بقدرتِه، ويعود إلى الحياة مع الجماعة التي نبذَتْه.
ما أشبه حالة المصابين بالوباء المسمّى كورونا، بمأساة ذاك الأبرص الذي تحنّن يسوع عليه، وأعاده سليماً معافىً! مرَّ عامٌ على انتشار هذا الوباء المُريع في العالم أجمع، مخلّفاً أعداداً كبيرةً من الوفيّات، وعشرات الملايين من الإصابات. لقد فرض عزلةً مرعبةً على الأفراد والعائلات والمجتمعات والشعوب، فحَجَرَ الكبار والصغار، وأغلقَ المدارس والجامعات، وحرمَ التلاميذ طويلاً من التواصل الشخصي مع أقرانهم ومعلّميهم، والذي استُـبْدِلَ بالتواصل "الافتراضي ONLINE"، وسبَّبَ الأضرار الجسيمة في الأنظمة الاقتصادية والمعيشية، سيّما في البلدان النامية والفقيرة، وهي الأقلّ حظّاً في الحصول على اللقاحات، ومنعَ الكثيرين من العمل سعياً وراء لقمة العيش، وجعلَ مناطق كثيرةً شبيهةً بالسجون. إجراءاتٌ وقائيةٌ تتّخذها البلدان حائرةً، وتسارُعٌ محمومٌ لا مثيل له لشركات الأدوية، تتبارى في البحوث لاكتشاف اللقاح الواعد بالحماية. كم سمعنا ولا نزال نسمع بمقولة "التباعد الاجتماعي" التي أضحتْ على كلّ لسانٍ، كوسيلةٍ ضروريةٍ لتجنُّب العدوى! هل نحن حقيقةً مدركون كم لهذا التباعد من آثارٍ سلبيةٍ في المستقبل؟
عندما تحلّ الويلات الطبيعية وكوارث الحروب في منطقةٍ ما، يتسارع الناس للإلتفاف حول بعضهم للتخفيف من نتائجها الوخيمة. يزدادون اقتراباً، يتضامنون ويواسون أحدَهم الآخر، كما أنّهم لا يهابون مرافقةَ موتاهم إلى مثواهم الأخير. أمّا في هذه الأيّام العصيبة، فيزداد الكلام عن "التباعد الاجتماعي"، الذي يخلّف الإنعزال خوفاً من انتقال العدوى، ويفرض العزلة على المصابين، لا سيّما المسنّين، الذين يحتاجون، أكثر من أيّ شيءٍ في وحدتهم المرعبة، إلى مشاهدة ذويهم، يستمدّون منهم دفءَ الحنان والمحبّة. وبسبب العزلة الخانقة، قد يموت المصابون نفسياً، قبل أن يقضي المرض على أجسادِهم المُنهَكة.
وماذا نقول عن فراغ كنائسنا من المؤمنين المشاركين في الصلوات وذبيحة القداس أيّام الآحاد والأعياد؟ لقد كانوا فيما مضى يؤمّونها، حتّى في أحلك الأوقات والظروف، كي يستمدّوا المعونة والعزاء الروحي من الرب الإله المعزّي. فهل يستطيع الحجر في المنازل والمشوب بالقلق النفسي، أن يعوّض عن المشاركة مع الجماعة الكنسية، كما يتغنّى البعض من وقتٍ إلى آخر، بالإيجابيات التي يحملها هذا الوباء - الآفة، إلى عالمنا اليوم، إنسانياً ومناخياً، وإلى الأفراد والعائلات، إيماناً متعمّقاً وملتزماً!
إنّنا، إذ نشارككم القلق، أيّها الأحبّاء، وأنتم في معترك المعاناة الصحّية والمعيشية التي تزداد سوءاً، نصلّي اليوم من أجلكم، ضارعين إلى الرب يسوع، الطبيب السماوي، الذي لمس الأبرصَ فشفاهُ، أن يلمس المصابين بالوباء، فيشفيهم ويقوّيهم. نقدّم ذبيحة القداس الإلهية هذه، بنوعٍ خاص، من أجل المرضى الذين يصارعون العدوى في عزلةٍ ووحدةٍ، ومن أجل ذويهم المُبعَدين عنهم، ومن أجل الجسم الطبّي والتمريضي الذي يبذل التضحيات الفائقة في سبيل شفائهم. ونسأل الله، ينبوع المراحم، أن يزيدنا إيماناً، ويملأ قلوبنا رجاءً، ويحوّل ضعفنا إلى قوَةٍ، ويمنحنا عافية النفس والجسد، فنتابع بالفرح والأمان مسيرتَـنا الروحية نحو قيامته المجيدة، كما يؤكّد قداسة البابا فرنسيس في رسالته بمناسبة زمن الصوم الكبير لهذا العام 2021، بعنوان "ها نحن صاعدون إلى أورشليم" على أنَّ "الصوم الأربعيني هو زمن تجديد الإيمان والرجاء والمحبّة".
مار افرام
تحتفل كنيستنا السريانية بأهمّ أعياد شفيعها مار أفرام، في السبت الأول من الصوم الفصحي، للإرتباط الوثيق الذي يجمع هذا القديس بالصوم، كسلّمٍ يرتقيه للقاء الرب والإتّحاد به، إذ أضحى مثالاً للصائمين. ولا نزال نردّد معه الأبيات الشهيرة التي تبدأ ب:«ܟܶܦܢܶܬ ܟܡܳܐ ܙܰܒܢ̈ܺܝܢ ܕܰܟܝܳܢܝ̱ ܬܳܒܰܥ ܗ̱ܘܐ܆ ܘܶܐܬܟܠܺܝܬ ܘܠܳܐ ܐܶܟ̣ܠܶܬ܆ ܕܶܐܫܬܘܶܐ ܠܗܰܘ ܛܽܘܒܳܐ ܕܰܢܛܺܝܪ ܠܨܰܝ̈ܳܡܶܐ…»"جعتُ مراراً، وكياني ظلّ يطالبني، لكنّي تمنّعتُ ولم آكلْ، لأستحقّ تلك الطوبى المحفوظة للصائمين..."، وبينها هذا البيت العميق روحانيةً والمتألّق شعراً:
«ܐܶܢܳܐ ܠܺܝ ܥܶܒܕܶܬ ܥܺܕܬܳܐ ܠܰܡܫܺܝܚܳܐ܆ ܩܰܪܒܶܬ ܠܶܗ ܒܓܰܘܳܗ̇ ܒܶܣܡ̈ܶܐ ܘܗܶܪ̈ܽܘܡܶܐ܆ ܥܰܡܠܳܐ ܕܗܰܕ̈ܳܡܰܝ». وترجمته: "جعلتُ ذاتي بيعةً للمسيح، وقرّبتُ فيها بخوراً وعطراً جُهدَ أعضائي".
إننا نأسف أن يأتي احتفالنا هذا العام بعيد هذا القديس الملفان، محدودَ الحضور رعوياً وكنسياً ومدنياً. ومع ذلك، نأمل أن يستطيع كثيرون مشاركتنا روحياً، ولو عن بُعدٍ، في ذبيحة القداس الإلهية مكرّمين شفيعنا مار أفرام السرياني، المنارة الروحية التي شعّ نورها في العالم أجمع، من وعظٍ وتعليمٍ وإنشادٍ وشرحٍ للكتاب المقدس، بعيش المحبّة المعطاءة نحو القريب والغريب.
في زمنٍ عرف قلّةً من مثقّفين وطالبي علمٍ، تتلمذ أفرام على معلّمه وراعي أبرشيته مار يعقوب النصيبيني، وأمضى حياته متعمّقاً في كلام الله، في العهدين القديم والجديد، وتدرّب على اكتناه أسرار الخلاص، فنقل إلى أهل عصره وإلينا، ما حباه الله من مواهب شعريةٍ ووزناتٍ روحيةٍ، نفتخر ونستشهد بها، حتّى تجرّأ كثيرون على القول بأنّ شروحات مار أفرام تكاد تحتوي على أسفار الكتاب المقدس بكاملها. كما حُقَّ لقداسة البابا يندكتوس السادس عشر أن يقول في إحدى مواعظه، بأنّ "الإيمان المسيحي جاءنا في ثقافةٍ مشرقيةٍ وبتفكيرٍ ساميٍّ، كان أفرام السرياني أفضل الشاهدين عليهما".
ظلّ أفرام شمّاساً، أي خادماً متواضعاً طيلة حياته، تكرّس لخدمة البيعة بروح الطاعة لرؤسائه الأساقفة، لا سيّما مار يعقوب النصيبيني، وملتزماً، وهو في وسط العالم، بحياة الزهد المتميّزة بروحانية المشورات الإنجيلية، على غرار "أبناء وبنات العهد" «ܒܢ̈ܰܝ ܘܰܒܢ̈ܳܬ ܩܝܳܡܳܐ»، أي الجماعة الكنسية التي عرفها السريان في العصور الأولى، تجمع ما بين الحياة المكرَّسة والمتجرّدة عن مُغريات العالم، وبين الإلتزام بقضايا المجتمع المضطرب. فسار دون تردُّدٍ على خطى معلّمه الإلهي، رجل صلاةٍ وتأمُّلٍ وعملٍ، منه نتعلّم معنى الإيمان الملتزم.
هو الشاعر الذي نهل من إلهامات ربّه، التأمّلات الروحية العميقة والمحلِّقة في آنٍ واحدٍ، وسُمِّي بحقٍّ "شمس السريان" و"كنّارة وقيثارة الروح القدس"، فقد خلّد لنا التعاليم الروحية والأناشيد الطقسية والشروحات الكتابية، إن في "الميامر"، أي القصائد، وإن في "المداريش"، أي المواعظ، والتي تُعبِّر عن النَفَس الساميّ الأصيل، الذي يتميّز به الكتابُ المقدس، والتي أضحت إرثاً حضارياً بين العديد من الشعوب المتحضّرة إلى عصرنا هذا، على حدّ تعبير وشهادة قداسة البابا بندكتوس السادس عشر.
هو الشادي المريمي، المولَّه بدور والدة الله في التدبير الخلاصي. «ܒܬܽܘܠܬܳܐ ܝܶܠܕܰܬ ܕܽܘܡܳܪܳܐ» "البتول التي ولدت عجباً"، كلمة الله الأزلي الذي حملَتْه مريم في أحشائها وقدّمَتْه فادياً لجميع البشر، ومصالحاً البشرية مع خالقها. كما ألهمَتْه قريحته الشاعرية وانجذابه إلى التبحُّر في سرّ مريم، حوّاء الثانية، أن يُطلق جوقة العذارى لينشدْنَ ترانيم التمجيد لله، والتكريم لوالدته، بألحانٍ تتميّز بالسهولة والعذوبة.
من سيرة حياة مار أفرام نعلم أنّه التزم بقضايا مدينته الأولى نصيبين والثانية الرها. وبهذا يعطينا المثال في التضحية والبذل من أجل القريب، واليوم نعني به "الآخر"، دون تمييز، سيّما في زمن الشدّة والضيق، من آفاتٍ مَرَضيةٍ وحروبٍ ألمّت بأهل زمانه ووطنه. لقد اختبر معاناة التهجير قسراً عن موطنه الأول نصيبين، لذلك نراه يفكّر أيضاً بالغرباء، أي المهجَّرين أمثاله، ويتعاطف معهم ساعياً لعيش شهادة المحبّة الحقيقية.
تفخر كنيستنا السريانية بجناحيها الكاثوليكي والأرثوذكسي أن تتّخذ من أفرام السرياني شفيعاً لها. كما تكرّمه جميع الكنائس الشرقية الشقيقة، وتغرف الصلوات والأناشيد من إرثه الروحي والطقسي، وفي مقدّمة هذه الكنائس: السريانية المارونية، والكلدانية، والسريانية الملنكارية والملبارية في الهند، وكذلك الأرمنية، والقبطية، واللاتينية، ومعظم الكنائس ذات التراث البيزنطي.
هذا القديس من شرقنا، استحقّ أن يرفعه البابا بنديكتوس الخامس عشر في عام 1920 إلى رتبة ملافنة الكنيسة الجامعة، أي معلّمو الإيمان، الذين منهم نستقي ينابيع المعرفة للتعمّق في أسرار الخلاص. وقد بدأنا احتفالات مئوية إعلانه "ملفاناً"، ونحن نتطلّع كي تسمح الظروف والأوضاع الراهنة أن نقيم في وقتٍ قريبٍ، وببركة قداسة البابا فرنسيس، الاحتفالَ برفع الستار عن تمثالٍ لمار أفرام كنّا قد وضعناه على مدخل جامعة اللاتران الحبرية في وسط روما.
على مثال شفيعنا مار أفرام، سَعَتْ كنيستنا السريانية أينما وُجِدت، شرق دجلة وغرب الفرات، في مشرقنا المتوسّط كما في بلاد الانتشار، ورغم التشتُّت والاضطهاد والتهجير قسراً وطوعاً، سَعَتْ أن تبقى أمينة لدعوتها، كنيسةً رسوليةً، ناشرةً حضارتها ذات الجذور الآرامية، مستشهدةً ومعترفةً في سبيل إنجيل المحبّة والسلام.
في العراق، نضرع إلى الرب يسوع أن يكلّل زيارة قداسة البابا فرنسيس بالنجاح التامّ. إنّنا نرحو أن تحمل هذه الزيارة البابوية بلسماً ومواساةً وتشجيعاً لأولادنا كي يبقوا متجذّرين في أرضهم، متساوين مع أقرانهم بحقوق المواطنة كاملةً. كما نأمل ألا تقتصر الزيارة على لقاءاتٍ بروتوكوليةٍ للرئاسات المدنية وبعض المراجع الدينية، باسم الحوار الذي يكتفي بالأقوال والبيانات.
وفي العراق الغالي علينا، أصيبت كنيستنا في الصميم، جراء العنف التكفيري والفوضى الضاربة أطنابها في غالبية المناطق. وأكبر شاهدٍ على قولنا هذا، كاتدرائيتنا في بغداد، "سيّدة النجاة" التي قدّمت عشرات الشهداء قبل عشر سنواتٍ ونيّف، وبعدهم الاقتلاع الإجرامي لعشرات الآلاف من الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، لا لشيءٍ سوى تعلُّقهم بإنجيل المحبّة والسلام، وإيمانهم بقيامة وطنهم، راجين من أقرانهم ذوي الغالبية الدينية أن ينهوا صراعاتهم الطائفية، ويغلّبوا الخير، ويفعّلوا ثقافة المحبّة.
إنّنا نصلّي من أجل سوريا العزيزة، كي تتابع درب استعادة عافيتها رغم هول المآسي وسنوات الحرب والمحنة التي ألمّت بها، إذ تدهور الاقتصاد ومستوى المعيشة وهاجر الكثيرون من أبناء الوطن بحثاً عن عيشٍ كريمٍ ووضعٍ أفضل. وإنّنا نجدّد نداءنا ودعوتنا إلى المسؤولين عن القرار في العالم وإلى جميع أصحاب الإرادة الصالحة، للسعي الحثيث إلى رفع العقوبات الاقتصادية الجائرة المفروضة على الشعب السوري الذي يعاني الظروف العصيبة، كي يبقى لديه بريق أملٍ في مستقبلٍ زاهرٍ في أرضه.
ونحن في الوطن الغالي والمميّز لبنان، نعتبر أنّه واجبٌ علينا كما على غيرنا من مختلف الطوائف، كبيرةً كانت أم قليلة العدد، أن ندافع عنه، وطناً حرّاً، وطناً للجميع، وطناً لكلّ الطوائف وليس حكراً على طائفة أو دين. ونحن مقتنعون بأنّ لبنان أولاً وأخيراً يُبنى بشعبه ويزدهر بأبنائه وبناته المؤمنين به، وطناً نهائياً للحرّية، وللمشاركة التوافقية الحضارية، وهو الوطن - الرسالة للعالم أجمع، على حدّ تعبير البابا القديس يوحنّا بولس الثاني.
إنّنا نضرع إلى الرب كي ينير عقول المسؤولين في لبنان وضمائرهم، ليعملوا جادّين وجاهدين في سبيل إيجاد الحلول للأزمات التي يرزح الوطن تحت وطأتها، سياسياً واقتصادياً وأمنياً ومالياً، وبخاصّة تداعيات الجريمة الرهيبة بتفجير مرفأ بيروت، ونطالب بمحاسبة المجرمين وعدم تمييع التحقيق وإدخاله في المهاترات السياسية، وكذلك الإفراج عن أموال المودعين وجنى أتعابهم المحتجَزة في المصارف، ومكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، فضلاً عن جائحة كورونا التي تتطلّب العناية الخاصّة بالقطاع الطبّي والاستشفائي، وتأمين اللقاحات وتوزيعها بعدالة وشفافية ومهنية مطلقة.
كما نناشد المسؤولين بالترفّع عن المصالح الشخصية والفئوية والحزبية والمسارعة إلى تشكيل حكومةٍ، بعيداً عن تناتُش الحصص والادّعاء بصحّة التمثيل والمحافظة على حصص المسيحيين، لتبدأ بالإصلاحات قبل أن يفوت الأوان وينهار ما تبقّى من مقوّمات الدولة.
كما نتوجّه بقلبنا الأبوي ومشاعرنا إلى جميع أبنائنا وبناتنا في بلدان الشرق، في مصر والأراضي المقدسة والأردن، وفي تركيا، كما في بلاد الإنتشار، في أوروبا والأميركيتين وأستراليا، ونرافقهم بالصلاة في هذه الأيّام العصيبة التي يجتازها العالم بأسره، كي تنقشع الغيمة السوداء، فيزول الوباء لتعود الحياة إلى طبيعتها، ويتابعوا مسيرة حياتهم وبناء مستقبلهم وتأسيس عائلاتهم وتربية أولادهم، بالتعلّق بإيمان آبائهم وأجدادهم والالتزام الكنسي والوطني.
ختاماً، يسرّنا أن نتوجّه بالمعايدة بعيد مار أفرام من إخوتنا الأحبار الأجلاء آباء سينودس كنيستنا السريانية، وجميع أبنائنا وبناتنا من الإكليروس والمؤمنين في كلّ مكان. ونخصّ أبناءنا الرهبان الأفراميين، وبناتنا الراهبات الأفراميات، وكلّ من يحمل اسم أفرام. ونسأل الله أن يقبل صومنا وصلاتنا، ويؤهّلنا لنحتفل بعيد قيامته المجيدة بالخير والفرح والصحّة والعافية.
وخير ما نختم به هذه الصلاة من باعوث (طلبة) مار أفرام في زمن الصوم:
«ܒܬܰܪܥܳܐ ܕܪ̈ܰܚܡܰܝܟ ܢܳܩܫܺܝܢܰܢ܆ ܚܰܢܳܢܳܐ ܘܰܡܠܶܐ ܪ̈ܰܚܡܶܐ܆ ܘܥܰܠ ܫܽܘܘܕܳܝܳܟ ܬܟܺܝܠܺܝܢܰܢ. ܦܬܰܚ ܡܳܪܝܳܐ ܬܰܪܥܳܟ ܠܰܨܠܽܘܬܰܢ܆ ܘܰܟܠܺܝ ܡܶܢܰܢ ܒܺܝ̈ܫܳܬܳܐ ܘܡܰܚܘ̈ܳܬܐ ܘܟܽܠ ܐܽܘܠܨܳܢ̈ܶܐ». "نقرع باب مراحمك أيّها الحنون والمملوء رحمةً، متّكلين على وعدك، إفتح يا ربّ بابك لصلاتنا، وأبعِد عنّا الشرور والضربات وكلّ الضيقات".
هذا ما نطلبه، بشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، ومار أفرام، رافعين المجد للآب والابن والروح القدس، الإله الواحد، آمين.
|