في تمام الساعة الخامسة من مساء يوم الأحد 12 أيلول 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي الإفتتاحي للسينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، وذلك في كنيسة دير سيّدة النجاة البطريركي – الشرفة، درعون – حريصا.
شارك في القداس أصحاب السيادة المطارنة آباء السينودس المقدس، وهم:
مار أثناسيوس متّي متّوكة، مار ربولا أنطوان بيلوني، مار فلابيانوس يوسف ملكي، مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، مار غريغوريوس بطرس ملكي، مار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، مار يوحنّا بطرس موشي رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، مار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، مار تيموثاوس حكمت بيلوني الأكسرخوس الرسولي في فنزويلا، مار فولوس أنطوان ناصيف الأكسرخوس الرسولي في كندا، مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، مار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، مار يعقوب أفرام سمعان النائب البطريركي في القدس والأراضي المقدسة والأردن والمدبّر البطريركي لأبرشية القاهرة والنيابة البطريركية في السودان، مار فلابيانوس رامي قبلان المعتمَد البطريركي لدى الكرسي الرسولي والزائر الرسولي في أوروبا، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي.
وشارك مع آباء السينودس، وبدعوة خاصة من غبطته، الخوراسقف جوزف شمعي المدبّر البطريركي لأبرشية الحسكة ونصيبين، والخوراسقف جرجس الخوري المدبّر البطريركي لأبرشية حمص وحماة والنبك.
كما شارك أيضاً في القداس، الآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة الإكليريكيون والرهبان الأفراميون والراهبات الأفراميات.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عن الثبات في الإيمان كما يثبت الغصن في الكرمة، فيسوع "يشبّه نفسه بالكرمة، وأبوه السماوي هو الغارس. أمّا التلاميذ فهم أغصان الكرمة، وعلى هذه الأغصان أن تبقى ثابتةً في الكرمة، كي تُعطي ثمراً وتدوم ثمارها. الجماعة المسيحية التي آمنت وقبلت سرّ موت الرب يسوع وقيامته، مدعوّةٌ بدورها كي تثبت فيه، فتشعّ بنوره الإلهي أمام العالم كلّه".
وأشار غبطته إلى أنّه "لقد سبق أن تكلّم الأنبياء عن شعب الله المختار، ووصفوه بالكرمة التي يبسَتْ، فلا هي تعطي ثمراً، ولا خشبُها، أي أغصانها، ينفعُ لشيءٍ سوى أن يُحرَق. أمّا الكرمة التي سمعناها في إنجيل يوحنّا، فهي يسوع نفسه، الذي هو الحياة، ونحن الأغصان التي تستمدُّ الغِذاءَ منها، فلا بُدَّ وأن نَـزخُر نحن أيضاً بثمار الحياة، وأن نُعطي ثمراً كثيراً ودائماً، ثمراً روحياً يُقَدِّسُنا ويُحيينا".
ونوّه غبطته إلى أنّ لنا "يسوع يؤكّد لنا أنّ ثباتنا فيه، كالأغصان بالكرمة، يجعلنا ثابتين في أبيه السماوي، كما هو ثابتٌ في محبّة الآب، وهو والآب واحدٌ، والمحبّة التي يُعلّمنا إيّاها يسوع، ليستْ مجرَّد ألفاظٍ، بل محبّةً تُمتَحَن بالبَذل والتضحية: "ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم مِن أن يَبذلَ نفسَه عن أحبّائه".
وتحدّث غبطته عن ذبيحة الصليب، حيث "قرّب فادينا ذاته ذبيحة حبٍّ مرّةً واحدةً، وفي سرّ الإفخارستيا، أعجوبة المحبّة الإلهية، نتناول الرب سرّياً، ونتّحد به حقيقةً، كما طلب منّا في العشاء الأخير. في هذا الأحد، تُختَتَم احتفالات المؤتمر القرباني الدولي في هنغاريا، بمشاركة الآلاف من بلدان العالم. وهي مناسبةٌ كي نرفع قلوبنا إلى الرب المسيح فادينا، كرمةِ الحياة، ونسجد له بكلّ خشوعٍ وبالشكر العميق، لأنّه شاء أن يبقى معنا في سرّ جسده ودمه الأقدسين، كي نثبتَ فيه كالأغصان في الكرمة. إذ لسنا نحن نحيا بذاتِنا، بل هو المسيح الحيُّ فينا"، منوّهاً إلى أنّ تكريمنا للصليب يجدّد "إيماننا بغلبة الحياة على الموت، والانتصار الروحي على قوى الشرّ التي تُهدّدنا، أفراداً وجماعةً كنسيةً".
واعتبر غبطته أنّ "الدعوة موجّهةٌ إلى كلّ واحدٍ منّا كي يعيش الشراكة مع الآخر إلى أبعد الحدود، يفرح لفرحه، يحزن لحزنه، يحتمل هفواته وزلاته، يسند ضعفه، ويقف إلى جانبه لتخطّي الصعاب. يُعينه في كلّ ذلك الثبات بالمحبّة التي تجمع بين أتباع الرب يسوع وتلاميذه، هذه المحبّة التي تصل إلى حدّ بذل الذات في سبيل الآخر: "ليس لأحدٍ حبٌّ أعظم من أن يبذل نفسه في سبيل أحبّائه". فالمحبّة هي الأساس وعليها يُبنى الكمال، فيعمّ السلام بين الجميع، وتتجلّى الوحدة بأبهى صورها، فيلهجون بشكر الرب كلّ حين".
وتناول غبطته الأوضاع الراهنة في كلّ البلدان المشرقية، متوقّفاً عند لبنان: "نعقد الآمال على تأليف الحكومة الجديدة، كي تقوم بإعادة أبسط مقوّمات الحياة إلى المواطنين، وتوقف الإنحدار المريع نحو قعر الهاوية، وتعمل جاهدةً على توفير أبسط متطلّبات العيش الكريم، رغم أنّنا نسجّل للمسؤولين في هذا الوطن، مرّةً أخرى أيضاً، التمادي في تهميش السريان وحرمانهم من حقّهم المشروع أن يتمثّلوا في الحكومة، كما في سائر وظائف الدولة".
ولفت غبطته إلى أنّ "الشعب اللبناني موجوعٌ ويائسٌ، وهو مشرفٌ على حافّة الإنهيار، لأنّه مُبتلى بمسؤولين خانوه ولعبوا بمصيره، وما زالوا يكتفون بالأقوال والوعود، للدفاع عن أبسط حقوقه المدنية. هذا الشعب المظلوم يريد من هذه الحكومة الجديدة أن تعيد بناء لبنان على صخر المواطنة الصحيحة والشريفة، وليس على رمل المحسوبيات والاستزلام والفساد".
وشدّد غبطته على أنّنا "ونحن السريان، كأبناءٍ وبناتٍ أصيلين للبنان العريق في الحضارة، نريدُ أن تبقى كنيستُنا الكنيسةَ الشاهدةَ لإنجيل المحبّة والحقيقة، والشهيدةَ من أجل مَن هو المحبّة والحقيقة، يسوع الربّ الفادي، الذي بموته وقيامته منح العالم الحياة. وسنظلّ فخورين بشهدائنا وشهيداتنا فهم "الذين اختارهم الله فقدّسهم وأحبّهم"، و"لبسوا عواطف الحنان واللطف والتواضع والوداعة والصبر"، حسبما جاء في رسالة مار بولس التي سمعناها".
وختم غبطته موعظته سائلاً "الربَّ يسوعَ، الراعي الصالح، أن يبارك أعمال هذا السينودس، كي تكون لخير كنيستنا وأبنائها وبناتها، في لبنان وسوريا والعراق والأراضي المقدسة والأردن ومصر وتركيا وبلاد الانتشار، في أوروبا والأميركتين وأستراليا، وذلك بِهَدي أنوار روحه القدوس، وبشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة، ومار أفرام السرياني ملفان الكنيسة الجامعة، والطوباوي مار فلابيانوس ميخائيل، وجميع القديسين والشهداء" (تجدون النص الكامل لموعظة غبطته في خبر آخر على هذه الصفحة الرسمية للبطريركية).
وفي نهاية القداس، منح غبطته البركة الرسولية إلى الكنيسة السريانية في العالم، أساقفةً وإكليروساً ومؤمنين، وعهد باجتماع السينودس المقدس إلى هدي أنوار الروح القدس وشفاعة أمّنا مريم العذراء سيّدة النجاة.
|