في تمام الساعة السادسة من مساء يوم الجمعة ١ تشرين الأول ٢٠٢١، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي لرعية سيّدة النجاة السريانية الكاثوليكية في مدينة كولن – ألمانيا.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب رياض بهنام كاهن الرعية، والأب سعدي خضر كاهن رعية مار يوحنّا الرسول في أرنهِم – هولندا، وخدم القداس الشمامسة والجوق، بحضور ومشاركة بعض الكهنة من الكنائس الشقيقة، وجمع غفير من المؤمنين الذين حضروا لنيل بركة غبطته، مع التقيّد بالشروط الصحيّة المفروضة من الدولة بسبب انتشار فيروس كورونا.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "والذي يصبر إلى المنتهى فهو يخلص"، أعرب غبطته عن سروره وفرحه ومحبّته لأبناء هذه الرعية: "نحن هنا معكم، جئنا نزوركم، نشعر معكم، نرجو معكم، ونشكر الله لأنّكم أتيتم إلى هذا البلد الكبير الذي استقبلكم وأمّن لكم الحياة الكريمة التي تستحقّونها، والتي لم تؤمِّنها لكم بلادكم في الشرق، لا سيّما العراق وسوريا، لانتشار التعصّب الديني والإرهابي".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "نشعر معكم بأنّ لكم في قلبكم، وأتوجّه بشكلٍ خاص إلى الجيل الأول، حنينٌ إلى أرض الآباء والأجداد الذين كانوا بالحقيقة مثالاً لنا، فقد أعطونا وعلّمونا، ليس فقط بالمثل والقول، لكنّهم عاشوا إيمانهم ببطولةٍ حتى الاستشهاد، وكانوا معترفين بإيمانهم هذا"، مشيراً إلى أنّنا "استمعنا إلى القراءة من مار بولس الذي عندما ظهر له يسوع وأفهمه أنّ عليه أن يصبح له رسولاً، ترك كلّ شيءٍ، وانطلق لكي يستعدّ ويؤدّي الرسالة التي لم تكن سهلة. كانوا يبحثون عنه ويريدون قتله، والمسيحيون الأوائل في دمشق دلّوه في سلّةٍ من السور كي يهرب من المضطهِدين. إذن، نحن جيل الشهداء، جيل المعترفين، نعتزّ بهم، نذكرهم، نصلّي من أجلهم ونطلب شفاعتهم وهم في السماء".
ولفت غبطته إلى أنّنا "لا نستطيع أن نقول لكم إلا أنّكم تمثّلوننا هنا في كولن وفي هذه الولاية "نورث راين فستفالن" في ألمانيا. إنّ أهلكم في بلاد الشرق يتابعونكم ويصلّون من أجلكم، كما أنّهم يطلبون منكم أن تبقوا دائماً أمناء لدعوتكم المسيحية، وأن تفكّروا بالذين بقوا في الشرق، إخوتكم وأخواتكم. فنحن اليوم إزاء خطر تفريغ هذه الأراضي المقدسة في الشرق من أبنائها وسكّانها الأصليين من المسيحيين، لأنّها أرض الكتاب المقدس، أرض الرسل وتلاميذ يسوع، أرض الكنيسة الأولى. نخاف حقيقةً أن تفرغ من المسيحيين كما جرى في بلادٍ أخرى قريبة، مثل تركيا وسواها".
ودعا غبطته المؤمنين في هذه الإرسالية المباركة إلى "أن تحافظوا على الإيمان، وأن تبقوا دائماً بالتواصل مع ذويكم، مع الكنيسة الأمّ، وأن تدعموهم قدر المستطاع، وتشجّعوهم كي يظلّوا أمناء للرب يسوع ولصليبه المقدس الذي هو في طقسنا السرياني: الصليب الظافر في كلّ حين، وهو راية السلام وآية الانتصار".
وختم غبطته موعظته مؤكّداً أنّ "علينا دوماً أن نفتخر بالصليب، ولا ننغشّ بما حولنا من تقدُّم تقني مؤسَّس على المادّة، ولو أنّ البعض يريدون أن يخدعونا ويقولون إنّ حياتنا هي فقط على الأرض وليست لنا دعوة إلى السماء. نحن تلاميذ الرب يسوع، مدعوون كي نلتقي به وبوالدته العذراء مريم في السماء، إيّاه نمجّد على الدوام، في وحدانيته مع الآب والروح القدس".
وكان الأب رياض بهنام قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته، شاكراً إيّاه على زيارته الأبوية، معرباً عن فرح أبناء الرعية بلقائهم بأبيهم الروحي، مثمّناً رعاية غبطته للكنيسة في هذه الظروف الصعبة ومواقفه الرائدة في الدفاع عن المسيحيين في الشرق، داعياً له بالعمر المديد والصحّة والعافية.
وقبل البركة الختامية، وجّه الأب رياض بهنام كلمة بنوية إلى غبطته هنّأه فيها باسم رعية سيّدة النجاة في مدينة كولن وإرسالية مار أفرام السرياني في مدينة إيسِّن، بمناسبة يوبيل غبطته الكهنوتي الذهبي والأسقفي الفضّي، سائلاً الله أن يبارك خدمة غبطته ويديمه راعياً صالحاً للكنيسة في هذه الأيّام العصيبة.
ثمّ قدّم الأب رياض هدية لغبطته باسم رعية كولن، وهدية أخرى باسم إرسالية إيسِّن بهذه المناسبة.
وبعدما منح غبطته البركة، قطع قالب الحلوى الذي أعدّته الرعية بهذه المناسبة المباركة، والتقى بالمؤمنين الذين قدّموا لغبطته التهاني والتمنّيات البنوية، معبّرين عن فرحهم الروحي بنيل بركة غبطته.
|