في تمام الساعة الرابعة من بعد ظهر يوم الأحد 3 تشرين الأول 2021، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، بالقداس الإلهي للإرسالية السريانية في مدينة كوبلنز – ألمانيا.
عاون غبطتَه المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب كارلو يشوع كاهن الإرسالية، بحضور ومشاركة كاهن الرعية اللاتينية في المدينة، وجمع من المؤمنين من أبناء وبنات الإرسالية الذين حضروا لنيل بركة غبطته، مع التقيّد بالشروط الصحيّة المفروضة من الدولة بسبب انتشار فيروس كورونا.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "حياتي هي المسيح"، تحدّث غبطة أبينا البطريرك عمّا جاء في رسالة رسول الأمم مار بولس إلى مؤمني كنيسة فيلبي: "لقد قاسيتُ الإضطهادات، وأنتم لم تخجلوا منّي، فإيمانكم تقوّى بالضيقات التي تحمّلتُها أنا، وهذا الشيء يذكّرنا أنّنا نحن عائلة روحية واحدة، نعيش مع بعضنا إيماننا بالرب يسوع، ومعاً نعيش دعوتنا المسيحية، ونحن موكَلين أحدنا على الآخر، نصلّي ونساعد ونعمل كلّ جهدنا كي نكون شهادةً حقيقيةً للذين هم حولنا، أنّنا نحن عائلة الرب يسوع".
ولفت غبطته إلى أنّه "مثلما صلّينا لمار يوسف، هذا القديس العظيم الذي انتقل إلى السماء بين يدَي يسوع ومريم، وهل هناك أجمل من هكذا ميتة! نصلّي إليه لأنّه هو حامي الكنيسة، ونسأله أن يحفظنا ويباركنا وعائلاتنا وكنيستنا والمؤمنين في كلّ مكان".
وتطرّق غبطته إلى "الصعوبات والتحدّيات الكبيرة التي تمرّ بها كنيسة يسوع عامّةً، والكنيسة الكاثوليكية بشكل خاص. هجمات من كلّ جانب، لا بل وللأسف حتّى من داخل الكنيسة! فهناك من يريد أن يعلّمنا ويقول لنا إنّ العالم تغيّر، وإنّ علينا أن نتبع روح العالم، وأنتم تعرفون أنّه، وللأسف الشديد، ما نسمّيه اليوم البلاد التي تأسّست على الإيمان المسيحي في الماضي، أصبحت بالأحرى روحاً مادّية".
وأشار غبطته إلى ما تحقّق من "الإنجازات إن كانت العلمية أو القانونية، بالنسبة للمساواة بين الجميع، وإن كانت المعيشية. لكنّ هذا الأمر ليس الأساس، في حين أنّه في أيّام يسوع كانت الدولة الرومانية قويةً عسكرياً ومشهورةً بالقانون الروماني، وكانت معروفةً بإنجازاتها أيضاً. فحتّى اليوم هناك آثار رومانية، أكان في لبنان أو سوريا أو في بعض مناطق العراق وكلّ حوض البحر المتوسّط، حتى هنا في ألمانيا هناك أيضاً آثار رومانية".
ونوّه غبطته إلى أنّ الحضارة الرومانية كانت حضارةً مزدهرةً جداً، لكن في الوقت عينه كان هناك صراعٌ ضدّ الإيمان المسيحي، وآلاف بل مئات الألوف من الشهداء والشهيدات قدّموا حياتهم من أجل الإيمان بالرب يسوع في القرون الثلاثة الأولى، حيث كان الحكم الروماني قبل أن يهتدي الملك قسطنطين، بصلوات أمّه الملكة هيلانة، وينال المسيحيون الحرّية".
وذكّر غبطته المؤمنين أنّه "صحيح أنتم عائلة مسيحية قليلة العدد نسبةً للآخرين، ولكن هنا العدد ليست له الأهمّية الأولى، إنّما المهمّ أن نعيش إيماننا المسيحي بفرحٍ ورجاء. تسمعون كثيراً عن المشاكل المعيشية والإقتصادية والسياسية في بلاد الشرق، إن كان في لبنان أو في سوريا أو في العراق، ونشكر الله كثيراً أنّكم موجودون هنا في بلدٍ يحترمكم كشخصيةٍ إنسانيةٍ، ويحترم حرّيتكم الدينية، ويؤمّن لكم حقوقكم على المستوى الوطني، لكنّ إخوتكم وأخواتكم في شرق المتوسّط يعانون الكثير، ويحتاجون إلى صلواتكم، وإلى إحساسكم بآلامهم وأوجاعهم، وإلى دعمكم أيضاً".
وختم غبطته موعظته حاثّاً المؤمنين "على التحلّي بقوّة الروح القدس بروح الفرح، فلا يجب أن نخرج من الكنيسة ونحن مهمومون. جاء يسوع من أجلنا وقدّم ذاته على المذبح، فيجب أن نكون فرحين، ومعه نقدّم هذه الذبيحة إلى الآب السماوي كي يباركَنا جميعاً ويبارك صغارنا وشبابنا، ونحن نتابع هذا السير معاً نحو الملكوت".
وكان الأب كارلو يشوع قد ألقى كلمة رحّب فيها بغبطته، معرباً عن اعتزازه بغبطته وسعادته مع أبناء الإرسالية باستقباله، ومتمنّياً له زيارات ناجحة إلى الرعايا والإرساليات السريانية في أوروبا، مؤكّداً العمل مع أبناء الإرسالية على عيش الفرح بالرب وبالإنجيل على الدوام، وسائلاً الله أن يحفظ غبطته ويديمه بالصحّة والعافية.
وخلال القداس، قام غبطته بتكريس تمثال لمار يوسف وُضِعَ في فناء الكنيسة، ورشّه بالماء المقدس، ليكون بركةً للمؤمنين، فينالوا شفاعة هذا القديس العظيم.
وبعد البركة الختامية، التقى غبطته بالمؤمنين في صالة الكنيسة وسط جوٍّ من الفرح، حيث استمع غبطته إليهم واطّلع على أحوالهم وشؤونهم واحتياجاتهم وتحدّيات الخدمة.
|