صباح يوم السبت 15 تشرين الأول 2022، قام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بزيارة تاريخية مميّزة إلى دير مار كبريال (دير العمر) التاريخي العريق، في طور عبدين – تركيا.
رافق غبطتَه في هذه الزيارة صاحبُ السيادة المطران ماريك سولسزينسكي Marek SOLCZYNSKI السفير البابوي في تركيا، وأصحاب السيادة: مار ديونوسيوس أنطوان شهدا رئيس أساقفة حلب، ومار برنابا يوسف حبش مطران أبرشية سيّدة النجاة في الولايات المتّحدة الأميركية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد والمدبّر البطريركي لأبرشية الموصل وتوابعها وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، ومار اسحق جول بطرس مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة ومسؤول رعوية الشبيبة، والخوارسقف أورهان شانلي النائب البطريركي في تركيا، والخوراسقف مارون كيوان رئيس المحكمة الكنسية الإبتدائية في أبرشية بيروت البطريركية، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب جليل هدايا النائب القضائي في أبرشية بيروت البطريركية، والأب عبدو أبو كسم مدير المركز الكاثوليكي للإعلام في لبنان، والأب ريتشارد – دير الشرفة، والأب بول قس داود كاهن الإرساليات السريانية في سودرتاليا وفيستروس واسكلستونا – السويد، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية، والأب جيمي سركك الكاهن الجديد في النيابة البطريركية في تركيا، ورئيس وأعضاء المجلس الملّي في اسطنبول، ورئيس وأعضاء اللجنة الراعوية في ماردين، وجمع من المؤمنين القادمين من اسطنبول والذين ينيف عددهم على مئة وخمسين شخصاً.
أمام المدخل الخارجي لدير مار كبريال العظيم، استُقبِل غبطتُه والوفد المرافق من صاحب النيافة مار تيموثاوس صموئيل أقطاش مطران طور عبدين للسريان الأرثوذكس ورئيس دير مار كبريال، يحيط به رهطٌ من الآباء الكهنة والرهبان والشمامسة وجموع من المؤمنين، احتشدوا جميعاً لاستقبال غبطته ونيل بركته الأبوية في زيارته التاريخية المميّزة هذه.
وعلى أنغام ترتيلة استقبال رؤساء الأحبار "تو بشلوم"، دخل غبطته بموكب حبري مهيب إلى كنيسة الدير الرئيسية التي تخضع حالياً لأعمال الترميم، يتقدّمه الأساقفة والإكليروس والمؤمنون.
وفي الكنيسة، أدّى غبطة أبينا البطريرك صلاة الشكر، واستمع إلى الترانيم السريانية البديعة التي أنشدها شمامسة الدير بالأصوات الرخيمة والألحان الشجيّة.
وألقى نيافة المطران صموئيل أقطاش كلمة عبّر فيها عن بهجته وسروره واعتزازه "باستقبال غبطتكم في هذا اليوم التاريخي المجيد من حياة أبرشية طور عبدين ودير مار كبريال، ومعكم السفير البابوي والأساقفة والكهنة والشعب المؤمن القادم من ماردين واسطنبول ومديات وسائر القرى، إذ أنّ زيارة غبطتكم هي مبعث الصلوات والبركات. ويزداد الفرح لأنّها المرّة الثالثة التي فيها تزورون هذا الدير خلال عهد بطريركيتكم، ونحن نرحّب بكم أجمل ترحيب مع الوفد المرافق لكم".
وتضرّع نيافته إلى الله "كي يمتّع غبطتكم بالصحّة والعافية والعمر المديد على رأس الكنيسة السريانية الكاثوليكية الشقيقة، مع حياة مليئة بالنجاح والتوفيق لكم ولشعبكم، ونحن لا نريد لهذه الزيارة أن تكون الأخيرة إلى هذا الدير"، مؤكّداً "أنّنا كلّنا واحد بالمسيح يسوع، ونسبّح الله بلغة واحدة معاً هي اللغة السريانية، ونعيش المحبّة والوحدة والوئام معاً".
وجدّد نيافته التهنئة لغبطته "بما قمتم به منذ يومين بتقديس وافتتاح كنيسة دير مار أفرام في ماردين بيديكم المقدستين، ونسأل الله أن يتخرّج من هذا الدير من جديد أشخاص متعلّمون ينيرون تعاليمهم ومعارفهم جميع المهتمّين. وإنّ الكاهن الذي قمتم برسامته البارحة في ماردين، مع أنّي لم أستطع أن أكون موجوداً معكم بالجسد، إلا أنّ قلبي معكم وكنت حاضراً بالقلب والروح، وأتمنّى له النجاح والتوفيق في خدمة الشعب المؤمن بالمثل الصالح والأمانة".
وردّ غبطة أبينا البطريرك بكلمة شكر فيها نيافته على كلماته الترحيبية الطيّبة، وأعرب عن "الفرح الكبير والسرور العظيم والفخر وما يغمر القلب من مشاعر التأثّر، إذ تمكّنّا وللمرّة الثالثة خلال خدمتنا كبطريرك أن نزور هذا الدير التاريخي المبارك والشهير والمقدس، ذا المكانة الخاصّة والمميّزة والأهمّية الكبيرة لدى أبناء الكنيسة السريانية في العالم كلّه، وهو فخر الكنيسة السريانية الأنطاكية، وجوهرة تاريخها المجيد"، منوّهاً إلى بهجته بوجود ومشاركة "سيادة السفير البابوي وأصحاب السيادة والآباء الخوارنة والكهنة المرافقين له، وهذا الجمع من المؤمنين القادمين من اسطنبول وماردين ليعودوا إلى الجذور وأرض الآباء والأجداد".
ونوّه غبطته إلى أنّنا "في كلّ مرة نزور هذا الدير، نشعر أنّنا في بيت هؤلاء الآباء القديسين الأفاضل الذين بذلوا دماءهم حبّاً بالرب يسوع، ونحن نشكر الرب أنّكم، يا صاحب النيافة مع المساعدين لكم، تتمكّنون، ليس فقط من متابعة الحفاظ على هذا الدير، وإنّما أيضاً من الإشعاع بالمحبّة والعطاء والسلام والأخوّة وسط من هم حولكم".
وأكّد غبطته على أنّه "حقيقةً إنّ كنيستينا السريانيتين الشقيقتين الكاثوليكية والأرثوذكسية تعيشان اليوم زمناً ووقتاً مباركاً من النعمة والوحدة، ونعدكم أن نبقى كنيسة سريانية واحدة، ونحن نلتقي دائماً ونعيش روح الأخوّة مع قداسة أخينا البطريرك مار اغناطيوس أفرام الثاني بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للسريان الأرثوذكس، والذي تجمعنا به محبّة أخوية مميّزة وعلاقة وطيدة، ومع إخوتنا الأساقفة والكهنة وأبناء شعبنا السرياني الواحد، والذي يتمسّك بلغته السريانية وتراثه السرياني العريق الذي ورثه عن الآباء والأجداد".
وختم غبطته كلمته بالقول: "سنتابع شهادتنا المشتركة لربّنا ومنبع رجائنا يسوع المسيح، مجدّدين رجاءنا به، فنتبعه، سواء على درب الجلجلة والصليب أو في القيامة في الملكوت الأبدي في السماء، ضارعين إليه كي يحفظ المؤمنين هنا في طور عبدين وفي ماردين واسطنبول وكلّ تركيا والعالم، حتّى يجتمع المؤمنون في كلّ مكان بالمحبّة والوحدة والسلام".
ثمّ زار غبطته قلاية القديس مار كبريال داخل الكنيسة، لينتقل إلى زيارة قبّة الملكة تيودورة، ثمّ كنيسة السيّدة العذراء في الدير، والتي تتمّ حالياً فيها القداديس والصلوات.
وبعدئذٍ قام غبطته بزيارة بركة إلى قبور وذخائر القديسين الكثر الذين يعبق أريج قداستهم ويفوح عطر فضيلتهم في أرجاء الدير، وفي مقدّمتهم القديس مار كبريال، ومار فيلكسينوس المنبجي، حيث صلّى غبطته من أجل انتهاء الحروب والإضطهادات وإحلال السلام والأمان في الشرق والعالم، ومن أجل شفاء المرضى والمتعَبين وراحة الموتى المؤمنين.
وانتقل غبطته إلى الصالون الرئيسي في الدير، حيث قدّم له نيافة المطران صموئيل أقطاش هدية تذكارية هي عبارة عن صليب صدر وأيقونة صدر للرب يسوع المسيح، والجدير بالذكر أنّ أيقونة الرب يسوع هي الأيقونة الخاصّة التي يلبسها البطريرك فقط. وجاءت هذه الهدية علامة محبّة بنوية من نيافته وأبرشيته نحو غبطته، وعربون تقدير وإكرام، وتخليداً لهذه الزيارة المباركة.
كما أهدى نيافته إلى غبطته وإلى أعضاء الوفد نسخة من الكتاب المقدس أعدَّتْها وطبعَتْها هيئة المعلّمين في دير مار كبريال. وخصّ نيافته سيادةَ السفير البابوي بصليب صدر كهدية بمناسبة زيارته الأولى للدير.
وكذلك قدّمت لجنة كنيستنا السريانية الكاثوليكية في ماردين إلى نيافته هدية تذكارية.
وقدّم غبطته إلى نيافته كتاب "أكثر من نصف قرن من الخدمة والعطاء"، والذي أعدَّتْه وأصدرَتْه البطريركية في العام الماضي بمناسبة اليوبيل الكهنوتي الذهبي واليوبيل الأسقفي الفضّي لغبطته.
وبعد جولة في أرجاء هذا الدير التاريخي العامر، غادر غبطته ومرافقوه ببالغ التأثّر، والقلوب تلهج بالشكر للرب والدعاء له كي يحفظ هذه الأمكنة المقدسة رمزاً وذخراً للحضور المسيحي المتجذّر في الشرق، وقد وُدِّعَ غبطتُه كما استُقبِل بمجالي الحفاوة الإكرام البنوي.
|