في تمام الساعة الثامنة والنصف من صباح يوم السبت ٥ تشرين الثاني ٢٠٢٢، شارك غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، في القداس الإلهي الذي ترأّسه قداسة البابا فرنسيس بمناسبة زيارته الرسولية إلى البحرين، وذلك في استاد البحرين الوطني.
أقام القداس صاحب السيادة المطران بول هيندر المدبّر الرسولي للاتين لشمال شبه الجزيرة العربية، وشارك فيه أيضاً أصحاب الغبطة: ابراهيم اسحق سدراك بطريرك الإسكندرية للأقباط الكاثوليك، ومار بشارة بطرس الراعي بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للموارنة، ولويس روفائيل ساكو بطريرك الكلدان، والكاثوليكوس مار باسيليوس اقليميس رئيس الأساقفة الأعلى للكنيسة السريانية الكاثوليكية الملنكارية في الهند، والكاثوليكوس جورج ألنجيري رئيس الأساقفة الأعلى الكنيسة الملبارية في الهند، وأصحاب النيافة الكرادلة وأصحاب السيادة المطارنة المرافقون لقداسة البابا في زيارته الرسولية إلى البحرين.
وقد رافق غبطةَ أبينا البطريرك المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية.
كما شارك في القداس عدد كبير من الخوارنة والكهنة والشمامسة والرهبان والراهبات، وجموع غفيرة من المؤمنين القادمين من البحرين وبلدان الخليج العربي، ناف عددهم على ٢٧ ألف نسمة.
بعد الإنجيل المقدس، ألقى قداسة البابا موعظة سلّط الضوء فيها على قوّة محبّة المسيح لنا، وعلى أنّ "المسيح يعطينا القدرة نفسها، القدرة على المحبّة، أن نحبّ باسمه، وأن نحبّ كما أحبّنا، بدون شرط، ليس فقط عندما تسير الأمور على ما يرام ونشعر بالحبّ، إنّما دائماً، ليس فقط تجاه أصدقائنا والقريبين منّا، بل تجاه الجميع، حتّى أعدائنا"، مشدّداً على "أن نحبّ دائماً ونحبّ الجميع، وأنّ كلام يسوع يدعونا اليوم إلى أن نحبّ دائما ، أي أن نثبت دائماً في محبّته، وننمّيها ونعيشها، إذ أنّ نظرة يسوع عملية، فهو لا يقول إنّ ذلك سيكون سهلاً، ولا يقترح محبّةً عاطفيةً ورومانسيةً، بل هو واقعي، يتكلّم بصراحة عن الأشرار والأعداء".
ولفت قداسته إلى أنّ "السؤال المهمّ الذي يجب أن يُطرَح هو: ماذا نفعل عندما نجد أنفسنا نعيش في مثل هذه الأوضاع؟ إنّ اقتراح يسوع كان مفاجئاً وشجاعاً وجريئاً، يطلب من أتباعه أن يبقوا دائماً، مخلصين في المحبّة، رغم كلّ شيء، حتّى في وجه الشرّ والعدوّ"، منوّهاً إلى أنّ "ما يطلبه الرب يسوع منّا هو أن نلتزم بأن نبدأ من أنفسنا، نبدأ في عيش الأخوّة العالمية عملياً وبشجاعة، ونثابر على الخير حتّى عندما نلقى الشرّ، ونكسر دوّامة الانتقام، ونجرّد العنف من سلاحه".
وأشار قداسته إلى أنّ "دعوة يسوع لا تتعلّق أولاً بمسائل البشرية الكبرى، بل بأوضاع حياتنا العملية: علاقاتنا في العائلة، والعلاقات في الجماعة المسيحية، الروابط التي ننمّيها في بيئة العمل والواقع الاجتماعي الذي نوجد فيه. ستكون هناك لحظات توتُّر، وصراعات وتنوُّع في وجهات النظر، ولكن من يتبع أمير السلام يجب أن يتوق دائماً إلى السلام. ولا يمكن أن تتمّ استعادة السلام من خلال الإجابة على كلمة سيّئة بكلمة أسوأ. يجب أن نكسر سلسلة الشرّ ونحطّم دوامة العنف، ثابتين في المحبّة على الدوام".
ونوّه قداسته إلى أنّ "المحبّة هي العطيّة الكبرى، وننالها عندما نُفسح المجال للرب يسوع في أثناء الصلاة، وعندما نستقبل حضوره في كلمته التي تحوّلنا، وفي التواضع الثوري في خبزه المكسور. وهكذا، تسقط ببطء الجدران التي تقسّي قلوبنا، ونجد الفرح في أن نقوم بأعمال الرحمة تجاه الجميع. حينها نفهم أنّ الحياة السعيدة تمرّ عبر التطويبات، وتكمن في أن نكون صانعي سلام".
وختم قداسته موعظته متوجّهاً إلى جماهير المؤمنين بالقول: "أودّ اليوم أن أشكركم على شهادتكم الوديعة والفَرِحة للأخوّة، ولأنّكم بذار محبّة وسلام في هذه الأرض. إنّه التحدّي الذي يقدّمه الإنجيل إلى جماعاتنا المسيحية كلّ يوم، ولكلّ واحدٍ منّا. ولكم، أنتم جميعاً الذين جئتم إلى هذا الاحتفال من أربعة بلدان النيابة الرسولية لشمال شبه الجزيرة العربية، من البحرين والكويت وقطر والمملكة العربية السعودية، وأيضاً من دول الخليج العربي الأخرى، وكذلك من مناطق أخرى، أحمل إليكم اليوم قرب الكنيسة الجامعة التي تنظر إليكم وتعانقكم، وتحبّكم وتشجّعكم. لترافقكم العذراء القديسة، سيّدة شبه الجزيرة العربية، في مسيرتكم، ولتحفظكم دائماً في المحبّة نحو الجميع".
وقبل نهاية القداس، ألقى المطران بول هيندر كلمة قدّم خلالها إلى قداسة البابا الشكر الجزيل لقيامه بهذه الزيارة الرسولية التي بثّت الرجاء في قلوب المؤمنين وحملت رسالة فرح وسلام ومحبّة وأخوّة للعالم كلّه.
وبعدما منح قداسته البركة الختامية، توقّف للصلاة أمام تمثال مريم العذراء سيّدة شبه الجزيرة العربية، ثمّ جال بين جماهير المؤمنين مباركاً إيّاهم.
|