يطيب لنا أن ننشر فيما يلي النص الكامل لكلمة الشكر التي ألقاها صاحب السيادة المطران الجديد مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، في نهاية رتبة سيامته الأسقفية التي تمّت بوضع يد غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، صباح يوم الجمعة 3 شباط 2023، في كنيسة الطاهرة الكبرى – قره قوش (بغديده)، العراق:
كلمة الشكر للمطران يونان حنّو في سيامته الأسقفية
الجمعة 3 شباط 2023، كنيسة الطاهرة الكبرى – قره قوش (بغديده)، العراق
غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك كنيستنا السريانية الكلّي الطوبى
أصحاب السيادة الأحبار الأجلاء آباء السينودس الجزيلي الاحترام
الإخوة الموقّرين في الأسقفية والكهنوت والرهبان والراهبات، السلطات الحكومية الموقّرة وأعضاء السلك الدبلوماسي، أيّها الإخوة والأخوات الأعزّاء أبناء أبرشيتي المباركة.
بدايةً أقدّم شكري ومحبّتي وطاعتي إلى الله الذي دعاني لأكون كاهناً في كنيسته المقدسة، والآن يدعوني بواسطتكم، يا غبطة أبينا البطريرك، مع الأحبار الأجلاء آباء سينودس كنيستنا، لأكون رئيس أساقفة في كنيسته. قد دعاني أنا الضعيف والخاطئ، وأنا مؤمن إيماناً مطلقاً بأنّه لن يتخلّى عنّي. فهو يقول لي "لا تخف أنا أنصرك".
أقدّم أيضاً محبّتي وشكري للأحبار الأجلاء الذين وضعوا ثقتهم بي وانتخبوني، وأوكلوا لي هذه الخدمة المقدسة. أتمنّى أن أكون أميناً للخدمة التي أوكلتموها إليَّ.
أقدّم محبّتي وشكري لإخوتي الكهنة العاملين معي في الأبرشية، أشكركم لمحبّتكم وثقتكم وطاعتكم لدعوتكم الكهنوتية، ومحبّتكم المتفانية في خدمة الرعية.
أقدّم محبّتي وشكري لأبناء أبرشيتي الأعزّاء الصامدين رغم كلّ المحن والصعوبات، ثابتين بإيمانهم، بمحبّتهم، متمسّكين بكنيستهم وأرضهم.
أقدّم محبّتي وشكري لكلّ من لبّى الدعوة وشاركنا في هذا اليوم المقدس.
لقد عشنا في هذه الأيّام الأخيرة قبل السيامة الأسقفية ثلاثة أيّام مهمّة في تاريخ الكنيسة، ولا سيّما في تاريخ إيماننا المسيحي، ألا وهي صوم باعوثه نينوى، هذه المدينة التي يدعوها الكتاب المقدس في سفر يونان النبي بالمدينة العظيمة. بشّرها النبي يونان، فتابت، وقدّمت الطاعة للرب، ونالت الخلاص. واليوم أحبّائي، نحن أبناء نينوى الأصلاء بحاجة اليوم أيضاً إلى التوبة والطاعة لله لكي ننال الخلاص. علينا أن نفعل مثلما فعل شعب نينوى في زمن النبي يونان. الكلّ تكاتف، الكلّ صام بدءاً من الملك ووصولاً لأصغر طفل في المدينة، بمعنى الكلّ تحمّل مسؤولية خلاص نفسه وخلاص المدينة، هذا التكاتف نحن بحاجة إليه اليوم. المسؤولية لا تقع على عاتق شخص واحد، بل علينا جميعاً. كذلك حال كنيستنا، يجب علينا أن نلتئم حولها، أن نطيعها، أن نكون أبناءها الحقيقيين المطيعين لها، بدءاً من الأسقف حتّى أصغر طفل معمَّد في الكنيسة، وجب علينا أن نكون جماعة واحدة، رعية واحدة لراعٍ واحد، وهو ربّنا يسوع المسيح.
كنيستنا مؤسَّسة على قيامة الرب، إذاً هي كنيسة حيّة، هي كنيسة متجدِّدة، ونراها: تختبر الفرح الذي وعد به القائم من بين الأموات لأتباعه. الكنيسة حيّة لأنّ المسيح حيّ، لأنّه قام حقّاً. الكنيسة باقية ولا تزول لأنّ الرب باقٍ إلى الأبد، وهو من قال لنا: أنا باقٍ معكم إلى انقضاء الدهر. كنيستنا مبنية على صخرة الإيمان، لن تقوى عليها أبواب الجحيم، لذا لا نخاف، أيّها الأحبّاء، كنيستنا لن تزول لأنّها مؤسَّسة على الرب.
إخوتي الأعزّاء! إنّ برنامجي الحقيقي يتمثّل بما أُعطيَ لي اليوم، وهو العكّاز والصليب:
العكّاز: نقرأ في سفر المزامير (المزمور 22)، عصاك وعكّازك هما يعزّيانني. العكّاز هي من أدوات الراعي، وبها يدافع عن القطيع، وأيضاً من خلالها يجذب الخراف عندما تنحرف عن الطريق. من هنا رسالتي الأولى هي الدفاع عن رعيتي بكلّ ما أوتيتُ من قوّة. فيقول في إنجيل يوحنّا: الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف، لذا سأكون راعياً، ولن أكون أجيراً أو مأجوراً أو مستأجراً، سأكون راعياً يدافع عن رعيته، ولا يخاف الذئاب مهما كان عددها وقوّتها ونفوذها، وأيضاً واجبي أن أعيد الخراف التيضلّت الطريق، فالعكّاز تدافع وتجمع في آنٍ واحد. في نصّ الصيد العجائبي، يقول النص: كادت الشبكة أن تتمزّق، فهي حملت 153 سمكة. فبالرغم من هذا الثقل، إلا أنّ الشبكة بقيت صامدة، ولكن الشبكة اليوم تمزّقت، والرعية تبعثرت. لذا يجب علينا إصلاح الشبكة، وأن نعود مرّةً أخرى إلى أحضان أمّنا الكنيسة.
الصليب: علامة انتصارنا، سلاحنا الوحيد، به ندافع عن نفسنا من الخطيئة، وبه نعطي البركة للآخرين. الصليب الذي أُعطيَ لنا هو ثقيل جداً، والرسالة التي أُوكِلت إليَّ صعبة وشاقّة. ولكن لن أخاف من حمل الصليب، لأنّي سأحمله مع إخوتي الكهنة. لن أكون وحيداً، فبركة الرب ونعمته معنا دائماً. لذا ستكون الرسالة أن نرسّخ التعاليم الإيمانية، وأن نكون أمناء على عقائدنا الكنسية، ولن نتهاون بالدفاع عنها. سنكون نحن ورعيتنا واقفين دائماً تحت أقدام الصليب، كما كانت أمّنا العذراء واقفةً، أمينةً، مطيعةً، مؤمنةً بابنها الحبيب.
هذه ستكون رسالتي، أعانني الله على حملها، وأن أكون أميناً لها.
|