ننشر فيما يلي نصّ الرقيم البطريركي المتضمّن الكلمة الأبوية التي وجّهها غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، إلى صاحب السيادة مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، للتعزية بوفاة المرحوم الخوراسقف نوئيل القس توما، والذي رقد بالرب في قره قوش (بخديدي) – العراق، فجر يوم عيد القيامة المجيدة، الأحد 9 نيسان 2023، وقد تُلِيت هذه الكلمة خلال رتبة الجنّاز والدفن التي أقيمت مساء اليوم نفسه في كنيسة الطاهرة الكبرى، قره قوش – العراق:
الرقم: 50/2023
التاريخ: 9/4/2023
سيادة أخينا الحبر الجليل مار بنديكتوس يونان حنّو الجزيل الاحترام
رئيس أساقفة الموصل وتوابعها
بعد المعانقة الأخوية وتحيّة المحبّة والسلام بالرب يسوع القائم ظافراً من القبر:
بأسفٍ بالغٍ تلقّينا النبأ المحزن بوفاة المرحوم الخوراسقف نوئيل القس توما، الذي نعيتموه إلينا إثر رقاده بالرب فجر اليوم، في غمرة الاحتفال بعيد قيامة الرب يسوع من بين الأموات وانتصاره على الموت. فتذكَّرنا قولَ الوحي في سفر الرؤيا: "كن أميناً إلى الموت، فسأعطيكَ إكليل الحياة" (رؤ2: 10).
لبّى الخوراسقف نوئيل القس توما دعوته الكهنوتية، وخدم الكنيسة بكلّ تفانٍ وإخلاصٍ، وبمحبّةٍ ووداعةٍ وتواضعٍ وغيرةٍ، لمدّة قرابة 45 عاماً، سواء في أبرشيته الأمّ، أبرشية الموصل وتوابعها، وخاصّةً بلدته الحبيبة قره قوش (بخديدي)، وفي إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية في دير الشرفة بلبنان، وبعدئذٍ في كنيسة الانتشار في هولندا، حيث يُسجَّل له باعتزازٍ عمله الدؤوب على تأسيس الرعية والإرساليات السريانية الكاثوليكية هناك، وجهوده الحثيثة في الاستحصال على كنيسة مار يوحنّا الرسول في أرنهِم، وهي أوّل كنيسةٍ سريانيةٍ كاثوليكيةٍ امتلكَتْها بطريركيتنا السريانية الكاثوليكية الأنطاكية في أوروبا، وقد احتفلنا بتكريسها وتقديسها في نيسان عام 2014.
وفي السنوات الأخيرة، عاد إلى الخدمة في بلدته الأمّ قره قوش (بخديدي)، حيث خدم رعية كنيسة مار يوحنّا المعمدان، وكان خير سندٍ لصاحبي السيادة مار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل، ومار أفرام يوسف عبّا المدبّر البطريركي لأبرشية الموصل، خلال فترة خدمتهما للأبرشية. وقد كنتم يا صاحب السيادة تعوّلون الكثير على مساندته وخبرته في الخدمة، ليكون إلى جانبكم في بداية مسيرتكم الأسقفية في رعاية أبرشيتكم العزيزة.
إلا أنّ حكمة الرب شاءت أن يُمتحَن الخوراسقف نوئيل بتجربة المرض الخبيث الذي لم يمهله سوى بضعة أشهر، تحمّل فيها أوجاعه بإيمانٍ متينٍ وصبرٍ مدهشٍ وتسليمٍ كاملٍ لمشيئة الرب. وفي هذه الفترة الأخيرة،
أحطتموه برعايتكم الأبوية وزياراتكم اليومية، مع أصحاب السيادة الإخوة مطارنة كنيستنا السريانية في العراق، والآباء الخوارنة والكهنة والشمامسة والمؤمنين والمحبّين الكثر، وخاصّةً أفراد عائلته الذين خدموه بمحبّةٍ ملفتة.
وقد سمحت لنا الفرصة أن نزوره في منزله في قره قوش ليلة أحد الشعانين، حيث صلّينا من أجله، وأوكلنا معه أوجاعه وآلامه إلى شفاعة أمّنا مريم العذراء الطاهرة، كي ترافقه في هذه المحنة العصيبة.
إنّنا إذ نسأل الرب يسوع، القيامة والحياة، الذي سمح أن ينتقل المرحوم الخوراسقف نوئيل القس توما من بيننا إلى الملكوت السماوي في هذا اليوم العظيم، عيد قيامته المجيدة، أن يمتّعه بالنعيم الأبدي صحبة الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء، ويسمعه قوله العذب: "نعمّاً أيّها العبد الصالح والأمين، كنتَ أميناً على القليل، فسأقيمكَ على الكثير، أدخل فرح سيّدك" (مت25: 23)، ويعوّض على الكنيسة والأبرشية برعاةٍ صالحين وكهنةٍ أفاضل بحسب قلبه ومشيئته.
كما نتقدّم بأحرّ التعازي، منكم يا صاحب السيادة، ومن إخوتنا أصحاب السيادة مطارنة كنيستنا في العراق: مار يوحنّا بطرس موشي، ومار أفرام يوسف عبّا، ومار نثنائيل نزار سمعان، ومار أثناسيوس فراس دردر، ومن الآباء الخوارنة والكهنة والمؤمنين في أبرشية الموصل وتوابعها الغالية على قلبنا الأبوي، ومن أفراد عائلة المرحوم الخوراسقف نوئيل القس توما، والأقرباء والمحبّين، سائلين الرب يسوع أن يعزّي قلوبنا الحزينة والمتألّمة على فقدانه بالرجاء الحيّ المنبعث من القبر الفارغ. وإنّنا سنذكر المرحوم الخوراسقف نوئيل على المذبح خلال القداس الإلهي صباح عيد القيامة طالبين له الرحمة.
رحمه الله، وليكن ذكره مؤبّداً، والنعمة معكم.
اغناطيوس يوسف الثالث يونان
بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي
|