في تمام الساعة الثامنة من صباح يوم الخميس 28 أيلول 2023، أقام غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي ورتبة الجنّاز راحةً لنفوس الراقدين من ضحايا مجزرة وفاجعة سهرة عرس قره قوش (بغديده)، وذلك على مذبح كاتدرائية الطاهرة الكبرى في قره قوش، العراق.
شارك في القداس أصحاب السيادة: مار بنديكتوس يونان حنّو رئيس أساقفة الموصل وتوابعها، ومار يوحنّا بطرس موشي رئيس الأساقفة السابق لأبرشية الموصل وتوابعها ومستشار الأبرشية، ومار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار نثنائيل نزار سمعان مطران أبرشية حدياب – أربيل وسائر إقليم كوردستان، ومار أثناسيوس فراس دردر النائب البطريركي في البصرة والخليج العربي، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والآباء الخوارنة والكهنة في أبرشيتَي الموصل وحدياب – أربيل، والرهبان والراهبات من مختلف الرهبانيات في قره قوش، والشمامسة.
كما شاركت في القداس جماهير غفيرة من المؤمنين غصّت بهم الكاتدرائية، وفي مقدّمتهم أفراد عائلات الضحايا وأهلهم وذووهم، وهم يئنّون ويتألّمون ويذرفون الدموع السخيّة من جراء هول المصاب الأليم وفقدان أهلهم وأحبّائهم بلمحة بصر وطرفة عين في مأساة دامية.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، تحدّث غبطة أبينا البطريرك بـتأثُّر شديد عن هذه المجزرة والفاجعة الرهيبة، مشيراً إلى أنّه "في سفر الجامعة نقرأ هذه الكلمات: "لكلّ شيء وقت"، وقت للفرح، وقت للبكاء، وقت للحزن. ومار بولس يكتب ويذكّرنا أن نفرح مع الفرحين، ونحزن مع الحزانى".
ونوّه غبطته إلى أنّه "قبل أسبوعين، كنّا بينكم نفرح بعقد سينودس الأساقفة لكنيستنا السريانية الكاثوليكية هنا في بغديده. كانت فرحة لجميعنا، وكنّا نشكر الرب على هذه النعمة. واليوم نأتي لنبكي معكم وبينكم الضحايا التي تغرّبت عن هذه الدنيا الفانية، وغابت عنّا بالجسد، ولكنّنا نؤمن أنّهم معنا وبيننا وفي قلوبنا بالروح".
ولفت غبطته إلى أنّ "الكلمات لا تسعنا في مثل هذه الحالة كي نقوم بالتفلسُف ونفتّش عن الأسباب وعن معنى هذه الفاجعة التي حصلت. ليس لنا إلا أن نبكي، ليس لنا إلا أن نفتقد الأحبّاء، وليس لنا إلا أن ننشد التعزية حولنا لجميع الذين فُجِعوا بفقدان أحبّاء لهم".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نعرف أنّ هناك عائلات بكاملها غابت عنكم، وجميعكم تعرفون ذلك، لكن علينا أن نتأمّل بهذا السرّ الذي يفوق إدراكنا، ونسأل الرب: لماذا؟، لماذا؟، لماذا؟".
وأكّد غبطته على أنّه "لا يسعنا إلا أن نعود إلى جذور إيماننا، ونعود إلى هويتنا التي تدعونا أن نقبل مشيئة الرب، وأن نتبعه في طريق آلامه، وأن نشدّد ونعزّي بعضنا بعضاً، كي نتابع مسيرتنا على هذه الفانية حسبما يرضي الرب ويرضي المجتمع الكنسي الذي نعيش فيه، هذه المدينة التي نفتخر بها، والتي فُجِعَت بفقدان أحبّاء كثيرين من بينكم".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، كي يقوّينا، بشفاعة أمّنا مريم العذراء الطاهرة، معزّية الحزانى، ويساعدنا ويساعدكم على السير في طريق الرب حسبما يرضي مشيئته المقدسة".
وقبل البركة الختامية، أقام غبطته، يعاونه المطارنة والكهنة، رتبة صلاة الجنّاز راحةً لنفوس الراقدين من ضحايا هذه الفاجعة، سائلاً الرب أن يتغمّدهم في ملكوته السماوي مع الأبرار والصالحين، ويبلسم قلوب أهلهم وذويهم الثكالى ببلسم الصبر والعزاء.
وفي نهاية القداس، وجّه سيادة المطران مار بنديكتوس يونان حنّو الشكر البنوي الجزيل إلى غبطته لقدومه بزيارة المواساة والقرب الأبوي وترؤُّسه هذه المناسبة الأليمة، داعياً لغبطته بالصحّة والعافية والعمر المديد، شاكراً المطارنة والكهنة والإكليروس والحاضرين جميعاً، مثمّناً تضامُن جميع مكوّنات الوطن مع أبناء بغديده في مصابهم الأليم والمفجع هذا، وسائلاً الرب أن يعزّي الجميع بتعزياته السماوية.
|