في تمام الساعة الحادية عشرة من صباح يوم الأحد 28 كانون الثاني 2024، ترأّس غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، القداس الإلهي الذي احتفل به المونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، بمناسبة أحد الأحبار والكهنة، وذلك على مذبح كنيسة مار اغناطيوس الأنطاكي في الكرسي البطريركي، المتحف – بيروت.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، بعنوان "نعمّاً يا عبداً صالحاً وأميناً... أُدخُل فرح سيّدك"، تحدّث المونسنيور حبيب مراد عن أهمّية الدعوة الكهنوتية، مستذكراً "بالصلاة أمام مذبح الرب الأحبار والكهنة الذين خدموا الكنيسة منذ نشأتها حتّى اليوم، كي يرحمهم الرب، ويمنحهم المكافأة التي هي فرح الملكوت السماوي، وكذلك الأحبار والكهنة الذين يخدمون الكنيسة والمؤمنين في يومنا هذا، من غبطة أبينا البطريرك والأساقفة والكهنة، وفي الكنيسة الجامعة، قداسة البابا والكرادلة والأساقفة والكهنة، وكذلك الشمامسة والرهبان والراهبات والمكرَّسين والمكرَّسات"، سائلاً الرب "أن يمنح الكنيسة دعوات مقدسة بحسب قلبه ومشيئته، لما فيه خير الكنيسة والمؤمنين".
وتوقّف عند عبارة "العبد الأمين والحكيم"، في مثل الوزنات التي سلّمها السيّد إلى عبيده وسافر، فتاجر بها كلٌّ منهم، إثنان ضاعفا الربح، أمّا الثالث فطمر الوزنة محافظاً على ما لديه، ومن خوفه وكسله لم يعمل، مؤكّداً على أنّنا "حين نكون مع الرب فلا مجال للخوف ولا للكسل، لأنّنا سنُحاسَب على الأمانة التي أُودِعَت إلينا"، لافتاً إلى أنّ "دعوة الكاهن ترتكز على إعطاء المؤمنين كلمة الرب، ورعايتهم الرعاية الصالحة بالمحبّة والحكمة والقدوة الحسنة، وعلى مَنحِهم الأسرار الخلاصية".
وشدّد على "وجوب أن يعيش الكاهن الأمانة، فيكون: أميناً للرب الذي أعطاه هذه الوديعة من خلال الكنيسة، وأميناً للكنيسة التي دعَتْه بشخص البطريرك أو الأسقف الذي منحه السيامة الكهنوتية، حيث أقسم وحلف الكاهن على الإنجيل واعداً أن يكون أميناً ومطيعاً، والأمر نفسه بالنسبة للأسقف وللبطريرك في رسامة كلٍّ منهما، وأميناً للشعب الذي أُوكِلَ وأُودِعَ رعايتَه وخدمتَه".
وتأمّل بقصيدة للقديس مار أفرام السرياني يتغنّى فيها بعظمة الكهنوت وسموّه: « ܡܳܐ ܕܦܳܬܰܚ ܬܰܪ̈ܥܶܐ ܕܥܺܕܬܳܐ ܦܬܺܝܚܺܝ̈ܢ ܬܰܪ̈ܥܶܐ ܕܰܫܡܰܝܳܐ... ܥܰܠ ܦܰܓܪܳܐ ܫܰܪܝܳܐ ܢܽܘܪܳܐ ܘܥܰܠ ܟܳܣܳܐ ܫܰܠܗܶܒܺܝܬܳܐ܆ ܘܒܶܝܬ ܢܽܘܪܳܐ ܠܫܰܠܗܶܒܺܝܬܳܐ ܩܳܐܶܡ ܟܳܗܢܳܐ ܘܰܡܚܰܣܶܐ ». وتعريبها: عندما يفتح الكاهن أبواب الكنيسة أمام المؤمنين ويقرّبهم من الرب، تنفتح أمامهم أبواب السماء. وفي خدمة الكاهن على المذبح، تحلّ النار على الجسد واللهيب على الكأس، وبين النار واللهيب يقف الكاهن فيمثّل الشعب ويرفع تقدمته مستغفراً الرب عنه.
وختم موعظته منوّهاً إلى أنّ "هذه الدعوة السامية تجعلنا نخشع أمام الرب ونسأل أنفسنا: هل نحن أمناء لدعوتنا؟، وفي الوقت عينه نطلب صلاة المؤمنين، الحاضرين والغائبين في كلّ مكان، من أجل الأحبار والكهنة، لأنّ الكاهن أُخِذَ من الناس ليخدم الناس، فهو ليس خارقاً بمواهبه، بل يحمل هذه الدعوة والمسؤولية، التي نتضرّع كي يؤهّله الرب أن يؤدّيها كما يجب بالأمانة والحكمة".
وفي نهاية القداس، أقام غبطته صلاة الجنّاز من أجل الأحبار والكهنة الراقدين، سائلاً الرب يسوع أن يمنحهم الراحة الدائمة والسعادة الأبدية في ملكوته السماوي مع الأبرار والصدّيقين والرعاة الصالحين والوكلاء الأمناء.
|