في تمام الساعة الثانية والنصف من بعد ظهر يوم السبت 15 حزيران 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي للإرسالية السريانية الكاثوليكية في مدينة بوزانسون Besançon – فرنسا.
عاون غبطتَه أصحابُ السيادة: مار أفرام يوسف عبّا رئيس أساقفة بغداد وأمين سرّ السينودس المقدس، ومار يوحنّا جهاد بطّاح رئيس أساقفة دمشق، ومار يعقوب جوزف شمعي رئيس أساقفة الحسكة ونصيبين، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب أنيس شعبو كاهن الإرسالية، بمشاركة كاهن الرعية اللاتينية في المنطقة الأب فرانسوا. وخدم القداس شمامسة الإرسالية وأعضاء الجوق. كما شارك في القداس جمع غفير من المؤمنين من أبناء وبنات الإرسالية الذين حضروا بشوق ولهفة لنيل بركة غبطته.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، أعرب غبطة أبينا البطريرك عن فرحه وسروره بالقيام بهذه الزيارة الرعوية التفقّدية لهذه الإرسالية المبارَكة، متأمّلاً "بنصّ القراءة التي تُليَت مع مطلع القداس من رسالة القديس بولس الرسول الأولى إلى المؤمنين في كورنثوس، وهي أولى الكنائس، وهي مدينة قائمة في اليونان، مذكّراً الكورنثيين حيث بشّر أنّ على الرسول أن يقوم بالتبشير بالجرأة والتفاني والتضحية من أجل الرب، وكذلك بالاندفاع في الرسالة، رغم الظروف الصعبة، غير آبهٍ حتّى لاحتياجاته المادّية من أكل وشرب وسواها. على الرسول إذاً أن يكون دائماً على مثال يسوع، وأن يتبعه دون أيّ مصلحة، سوى أن يعرّف الناس على يسوع، كي يؤمنوا به، كما فعل بولس مع المؤمنين في كورنثوس".
ونوّه غبطته إلى أنّ "الأعجوبة التي سمعناها من الإنجيل المقدس بحسب متّى الرسول، أعجوبة تكثير الأرغفة الخمسة والسمكتين، هي دليل على أنّ يسوع الرب مليء بالمحبّة والرأفة تجاه الناس الذين ظلّوا طوال النهار يتبعونه ويسمعون كلامه. لقد وجد الرسل هذا الأمر صعباً، لأنّهم كانوا متعَبين، فطلبوا من يسوع أن يصرف الناس، لكنّ يسوع سألهم أن يعطوهم هم ما يأكلون. كان الناس يتبعون يسوع بشوق، ويودّون أن يسمعوه طوال اليوم، فرفض يسوع أن يرسلهم إلى ديارهم دون أن يأكلوا. تساءل التلاميذ كيف يمكنهم أن يطعموا الآلاف من الناس؟، وعلى طلب يسوع، قدّموا الأرغفة الخمسة والسمكتين، وهي ما كان لديهم من طعام. فباركها يسوع، وطلب من الرسل أن يوزّعوها للناس، فأكل الجميع وشبعوا، وكانت هذه إحدى أكبر الأعاجيب التي قام بها يسوع، أن يعطي الآلاف من الناس أن يأكلوا".
ولفت غبطته إلى "أنّكم تعرفون أنّه عندما نأكل سويّةً، فالصداقة والأخوّة والمحبّة تتوزّع بين الذين يكونون معاً. لذلك نقول إنّ الأكل معاً يجعل منّا أصدقاءً حقيقيين. وقد فعل يسوع ذلك لأنّه يحبّ كلّ هؤلاء الناس الذين كانوا يتبعونه كي يسمعوا أقواله".
وأشار غبطته إلى أنّنا "نهنّئكم أيّها المؤمنون الأحبّاء لأنّكم وصلتم إلى فرنسا، هذا البلد الذي قدّم لكم الحياة الكريمة والحرّية الدينية والوسائل الضرورية كي تستطيعوا أن تعيشوا بسلام، وتربّوا أولادكم وترافقوهم رغم كلّ الصعوبات والتحدّيات التي تحدث في هذه المجتمعات الغربية، وأنتم تعرفونها جيّداً. نهنّئكم على إيمانكم وثباتكم في هذا الإيمان رغم المعاناة والآلام التي عشتموها، وها أنتم لا تزالون متمسّكين بالإيمان والرجاء بيسوع المسيح مخلّصنا".
وأكّد غبطته على أنّنا "نحن في الشرق نفرح لأنّكم موجودون هنا، لكنّنا نشعر أنّ أعدادنا في الشرق تقلّ، وأنّ المؤمنين يشعرون أنّهم ليسوا بأمان وسلام كما يجب، أكان سياسياً أو اقتصادياً أو إيمانياً أو اجتماعياً. عليكم أن تشكروا الرب في كلّ حين على هذه النعمة، وتفكّروا بإخوتكم وأخواتكم في الشرق، ليس فقط بأن تدعوهم كي يسعوا جهدهم ليأتوا إليكم، بل أن تشجّعوهم كي يبقوا قدر الإمكان ثابتين في أرض الآباء والأجداد، وبزياراتكم لهم ستتمكّنون من معرفة احتياجاتهم، وتقدّمون لهم المساعدة اللازمة حتّى يظلّوا ثابتين بإيمانهم".
وتوجّه غبطته إلى الأطفال والشبّان والشابّات الحاضرين والمشاركين في هذا القداس بالقول: "أحبّائي الأطفال والشبّان والشابّات، نحن فخورون بكم لأنّكم تريدون أن تسمعوا يسوع دائماً في الإنجيل، وأن تتبعوه، كي تصبحوا رسلاً حقيقيين له".
وختم غبطته موعظته ضارعاً "إلى الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، أن يجعلكم على الدوام شهوداً له، ومثالاً للمؤمنين به، رغم الصعوبات والتحدّيات، فتكونوا شهوداً لهذه الرسالة بين إخوتكم وأخواتكم، حتّى أنّ كاهن الرعية اللاتينية في هذه المنطقة قال لنا إنّكم نعمةٌ في كنيسة فرنسا هنا في بوزانسون، لأنّكم لا تزالون ثابتين على الإيمان والتقوى، وهذا ما نطلبه من الرب لكم. ونسأله أن يبارككم كي تستمرّوا بهذا الإيمان والثبات، ويكون لكم قريباً كاهن ثابت يخدمكم الخدمة الكاملة".
وبعد البركة الختامية، التقى غبطته بالمؤمنين في لقاء أبوي مؤثّر، فنالوا بركته الرسولية في جوّ من الفرح الروحي.
|