غبطة البطريرك يونان: "نسأل الرب أن يساعد كلّ مسؤول نزيه وشريف في سوريا حتّى تمرّ هذه المرحلة الانتقالية بأمان وسلام"
"نأمل أن يثبت اتّفاق الهدنة بشكل دائم، فتنتهي الحرب العنيفة والمخيفة في لبنان، كي يفهم اللبنانيون أنّ عليهم أن يعيشوا بالوحدة والاتّفاق واللقاء فيما بينهم بنزاهة، ليحافظوا على هذا البلد الذي هو لؤلؤة الشرق بمختلف طوائفه وتعدُّد الديانات فيه"
في تمام الساعة العاشرة والنصف من صباح يوم الأحد 8 كانون الأول 2024، احتفل غبطة أبينا البطريرك مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي، بالقداس الإلهي بمناسبة عيد القديسين مار بهنام وأخته سارة الشهيدين ورفاقهما الأربعين شهيداً، وأحد ولادة يوحنّا المعمدان، وعيد الحبل بلا دنس، وذلك على مذبح كنيسة مار بهنام وسارة، الفنار – المتن، لبنان.
عاون غبطتَه صاحبُ السيادة مار متياس شارل مراد النائب العام لأبرشية بيروت البطريركية، والمونسنيور حبيب مراد القيّم البطريركي العام وأمين سرّ البطريركية، والأب ديفد ملكي كاهن رعية مار بهنام وسارة – الفنار، والأب سعيد مسّوح نائب مدير إكليريكية سيّدة النجاة البطريركية بدير الشرفة وقيّم الدير، والأب كريم كلش أمين السرّ المساعد في البطريركية. وخدم القداس الطلاب الإكليريكيون في إكليريكية سيّدة النجاة، وجوق الرعية. وقامت بتنظيم المناسبة حركة مار بهنام وسارة، وأخوية الحبل بلا دنس في الرعية التي تحتفل بعيدها، بحضور ومشاركة الراهبات الأفراميات، وحركة مار شربل – بيروت، وجموع غفيرة من المؤمنين من أبناء الرعية.
وفي موعظته بعد الإنجيل المقدس، لفت غبطة أبينا البطريرك إلى أنّنا "نحتفل اليوم، في هذا الأحد المبارك، بثلاثة أعياد، كلّها تلتقي كيما نعيش حسب دعوتنا المسيحية بالقداسة والبرارة. فاليوم هو عيد رعيتكم، عيد شفيعيها القديسين مار بهنام وأخته سارة الشهيدين ورفاقهما الأربعين شهيداً".
وأشار غبطته إلى أنّ "اليوم هو أحد ولادة يوحنّا المعمدان السابق للرب يسوع، كما سمعنا من الإنجيل المقدس بحسب القديس لوقا، من النشيد الذي أنشده أبوه زكريا الكاهن، والذي ينتهي بهذه العبارة: يهدي أرجلنا إلى سبيل السلام".
ونوّه غبطته إلى أنّ "اليوم أيضاً 8 كانون الأول هو عيد الحبل بمريم العذراء بلا دنس الخطيئة، هذه العقيدة الإيمانية الني آمنّا بها في كنائسنا في الشرق وفي الغرب، خاصّةً نحن في الكنيسة السريانية، إذ نذكر أنّ مريم وُلِدَت معصومةً من الخطيئة بنعمة إلهية. ومار أفرام السرياني ينشد: أنتَ أيّها الرب يسوع وأمّك بغير خطيئة".
واعتبر غبطته أنّ "هذه الأعياد كلّها تدعونا كي نجدّد إيماننا بالرب يسوع، كما سمعنا من رسالة مار بولس الذي يذكّر الغلاطيين أنّنا نعيش بالإيمان وبثقتنا بالمواعيد، كما تعهّد الله لابراهيم، أن يبارك نسله. هذه الأعياد، أيّها الأحبّاء، مدعوَّة أن تساعدنا حتّى نجدّد إيماننا وثقتنا بالرب يسوع".
وتناول غبطته "الأحداث التي سمعنا بها وتابعناها في هذين الأسبوعين الأخيرين في البلد الشقيق سوريا، هذه الموجة من الثورة على الحكومة ونظام الحكم الذي استمرّ لسنوات عديدة، وفي السنوات الأخيرة كانت سوريا منكوبة بحرب مخيفة، وكان تأثيرها أمناً واقتصاداً بشكل مريع على الجميع. نسأل الرب أن يساعد كلّ مسؤول نزيه وشريف في سوريا حتّى تمرّ هذه المرحلة الانتقالية بأمان وسلام. وفي الأيّام الأخيرة، كنّا على تواصُل دائم مع إخوتنا أصحاب السيادة الأساقفة في حلب وحمص والجزيرة ودمشق، كي نطمئنّ عليهم، وعلى الآباء الكهنة والمؤمنين في أبرشياتهم، ونؤكّد لهم أنّنا نرافقهم بالصلاة وبالدعوة إلى السلام الذي نحتاجه كلّنا".
وأكّد غبطته على أنّ "هذا السلام يحتاجه لبنان الذي مرّ في الشهرين الأخيرين بنكبة مخيفة، مرّ بقلق شديد على مصير الوطن واللبنانيين بمختلف طوائفهم. بنعمة إلهية، نأمل أن يثبت اتّفاق الهدنة بشكل دائم، فتنتهي هذه الحرب العنيفة والمخيفة، كي يفهم اللبنانيون أنّ عليهم أن يعيشوا بالوحدة والاتّفاق واللقاء فيما بينهم بنزاهة، ليحافظوا على هذا البلد الذي هو لؤلؤة الشرق بمختلف طوائفه وتعدُّد الديانات فيه".
وتضرّع غبطته "في هذا القداس الإلهي، إلى الرب الإله، ملك السلام، لا سيّما ونحن مُقبِلون على الاحتفال بعيد ميلاده المجيد من العذراء مريم، وهي أمّنا جميعاً، ونحن دوماً نبتهل إليها في صلواتنا وأناشيدنا، أن تحفظنا بالأمن والسلام، وتحمي الكنيسة من كلّ الأخطار التي تلمّ بها".
وختم غبطته موعظته بالقول: "نعم، المرحلة دقيقة، ولكنّنا نصلّي، ونطلب من الرب أن يعود جميع المهجَّرين إلى بلدهم، لا سيّما أن يطمئنّ شبابُنا ويرجعوا إلى مدنهم وقراهم، كي يساهموا في بناء بلدهم، لأنّ لبنان يحتاج أيضاً أن ينهض نهضة حقيقية، حتّى يضمّ جميع أبنائه بالوفاق والسلام". هذا ما نرجوه من الرب يسوع، بشفاعة أمّنا مريم العذراء، سيّدة الحبل بلا دنس، ومار يوحنّا المعمدان، الكاروز السابق للرب يسوع، والقديسَين الشهيدَين اللذين نفتخر بهما، مار بهنام وأخته سارة، فنتابع مسيرتنا على هذه الأرض بمخافة الرب والبرارة والسلام والأمان".
وقبل نهاية القداس، وجّه الأب ديفد ملكي كلمة شكر إلى غبطته، فقال: "يسرّني أن أتقدّم منكم، غبطة أبينا البطريرك، بالشكر على ترؤُّسكم الاحتفال بهذا القداس، وعلى بركتكم الأبوية التي تمنحوننا إيّاها، وعلى صلاتكم ومرافقتكم الدائمة، أطال الله بعمركم، ومتّعكم بالصحّة والعافية، وحفظكم راعياً لكنيستنا"، شاكراً أيضاً حضور صاحب السيادة والآباء الكهنة والشمامسة والجوق وأعضاء الحركات والأخويات والمؤمنين"، متمنّياً "لكم جميعاً أعياداً مباركة، وأن يكون هذا الزمن زمن صلاة وفرح يعمّ العالم كلّه".
وبعدما منح غبطة أبينا البطريرك البركة الختامية بذخيرة القديسَين الشهيدَين بهنام وسارة، استقبل المؤمنين الذين نالوا بركته الأبوية، في جوّ من الفرح الروحي بلقاء الأب الروحي بأبنائه.
|